Sunday, June 23, 2013

أحلام ...من حقها تعيش

كان يا مكان يا سعد يا اكرام ..هما مين سعد واكرام دول بالمناسبة؟؟ مش عارفة..ما علينا، منذ حوالى عام، فى رمضان الماضى تلقيت مكالمة هاتفية من أحد الأصدقاء "وراكى ايه النهاردة؟" "ولا أى حمادة، ومبردش على الاسئلة دى قبل الفطار" "طيب يلا، احنا رايحين شبرا، وهنعدى عليكى كمان ساعة"
وكانت هذا هى بداية الحكاية، قرر مجموعة من أصدقائى أن نفعل شيئا مختلفا ذلك العام، وهى أن نبعد عن مستشفى 57357 ودار الأورمان ورسالة، و غيرهم من منظمت يستطيع الكثيرون الوصول اليها بسهولة، وبالفعل قاموا بالاتصال ب140 دليل وسألوا عن دور المسنين فى منطقة شبرا، تلك التى لا يسمع عنها أحد، المهم، أخذوا العنوان اتفقنا على التقابل فى نقطة تجمع، وبدأنا من هناك، قمنا بشراء وجبات الافطار واتجهنا ال شبرا.
دار المسننين الذى ذهبنا اليه كان فى عمارة من عمارات شبرا القديمة، الشقوق وجدت طريقها الى معظم جدران المنزل، السلالم مكسّرة، كان للمنزل رائحة غريبة، لم أفهم كيف لمنزل من المفترض أنه لرعاية المسنين، يحتاج لرعاية فى الأساس.
قسمنا انفسنا الى مجموعات، كل يتولى مجموعة من المسننين، والحقيقة اننى لم أكن أتخيل ان حالهم بهذا السوء، قابلت هناك سيدة اسمها أحلام فى الخامسة والسبعون من عمرها، كرمشة جلدها كانت تعكس العمر الذى عاشته تلك السيدة، جسدها هزيل، وكل من حاستى النظر والسمع  أقل من بعضهما.
لم أكن أتخيل أن أول ما ستسألنى عنه أحلام هو ما اذا كان معى هاتف أم لا، فجاوبتها نعم؟ ولكن لماذا تحتاجين الى هاتف، ده احنا فى رمضان و انتى ست صايمة رغم كبر سنك،، فكان ردها صادم بالنسبة الى.."أريد أن أسأل على ابنى" فضلت بصالها شوية مش عارفة أرد، فنعم لقد سمعنا كثيرا عن جحود الأبناء وعقوق الوالدين، وغيرها من تسميات لسوء العلاقة بين الآباء والأبناء، ولكن أن تحضر موقفا مثل هذا، أن ترى دموع سيدة تكاد تراك، أن تشعر بالانكسار فى نبرة صوتها، دى احساس آخر.
سألت أحلام عن رقم تليفون ابنها، واتصلت به وأعطيتها الهاتف بمجرد رده، ولم تستغرق المكالمة، أيوا يا ابنى، أنا أمك، وانتهت المكالمة عند هذا، فلقد أغلق محمد الهاتف بوجهها، وأوهمتها أنا أن هناك عطل بالشبكات أو ربما العيب فى تليفونى أنا..فنظرت الى بابتسامة قائلة "اللهى يجبر بخاطرك..ممكن أحضنك؟" وبكت أحلام.. طبعا مش عاوزة أبقى دراما أكتر من كده، ولكن هذا ما حدث بالفعل.
فطرنا أنا وأحلام مع بعض بعد أن أذن الاذان، وأنهت تلك السيدة الحديث بينى وبينها "أنا عارفة انك مش هتيجى تانى زى ما بتقولى، كل اللى بيجى بيزورنا بيقولنا انه هيجى ومش بييجى تانى" فرديت عليها رد أراه من أغبى الردود اللى رديتها فى حياتى "طيب قوليلى انتى محتاجة ايه؟ أنا هسيب معاكى فلوس عشان لو احتاجتى حاجة تقدرى تجيبيها لنفسك" وبس ياسيدى، مديت ايدى فى شنطتى وبطلع الفلوس، قامت أحلام قافشة فى ايدى جامد ولم أعرف كيف أتت بهذه القوة وقالت لى "خلى فلوسك معاكى يا بنتى..احنا اللى فى سننا مش محتاج فلوس..سؤالك كفاية".
خلاصة القصة، حلو اننا نتبرع بفلوس من وقت للآخر، ولكن أن نذهب بأنفسنا ونعطى جزء من وقتنا لمن هم فعلا بحاجة اليه أهم من ذلك بكثير.
ثانيا، أذكر نفسى بهذه القصة كلما حدث خلاف بينى وبين أحد والدى، وأضعهما مكان أحلام، فبمجرد تخيلى للصورة، أشعر بالخذلان لتشاجرى معهم  واعطائى فرصة لضغوطات الحياة أن تكون سببا فى التحامل عليهما لدرجة أن نصل فى يوم ما الى ما وصلت اليه أحلام وابنها
ثالثا، بما انه مرحب شهر الصوم مرحب وكده، فمن الممكن أن نستغل فترة ما قبل الافطار وأن نبحث على من هم مثل أحلام، ربما نكون سببا فى ترك ابتسامة على وجهها أو نذكرها بأنها مازلت على قيد الحياة وأن هناك من يسأل عنها



Friday, June 7, 2013

اقرا الحادثة


اختفت فجأة أصوات السيارات من حولى، صوت الكاسيت لم يعد موجودا، لم أرى شيئا غير سواد الليل وذلك السور الكبير الذى كنت أراه قريبا جدا منى وأنا متشبسة بالدريكسيون، ولم أستطع أن أوقف سيارتى أمامه، والحقيقة أنا لا أتذكر جيدا كم كانت سرعة السيارة وقتها، ولكننى متأكدة أنه كالعادة تخطيت ال140 على طريق القاهرة/ الاسكندربة الصحراوى.
دائما ما كنت اسمع قصص عن من تعرضوا لحوادث السيارات وعن من نجا منها أو لم يكتب لهم حياة جديدة، ودائما ما كنت استمع الى نصائح المقربين منى عن ضرورة التقليل من السرعة، والتركيز أكثر فى السواقة، ومازلت أتذكر نصيحة والدى عن السواقة وهى "سوقى بالراحة..توصلى بسرعة" ، وعن أنه يجب على ألا أستخدم هاتفى المحمول اثناء القيادة وخاصة الكتابة عليه، عن ضرورة حزام الأمان الذى كنت انسى ربطه كثيرا مؤخرا وغيرها من نصائح متعلقة بنفس الأمر ولكن كان الكلام يدخل من أذن ليجد طريقه تاركا رأسى ليخرج من الأذن الأخرى، ولكننى تذكرت كل كلمة مما سبق تلك الليلة، الاف من الصور مرت برأسى، شريط حياتى، تذكرت مشاجرتى مع أمى ذلك اليوم لقلقها الزائد على، وعن خلافى مع أحد أصدقائى، تذكرت أننى لم أتحدث الى والدى فى التليفون، تلك الرسالة التى كان يجب ان ارسلها، تحدثى فى التليفون تلك الليلة الى الكثير من أصدقائى التى انقطعت الصلة بيننا لأشهر نظرا لانشغال كل منا بالحياة فقط لكى أطمئن عليهم وأسلم عليهم وغيرها من تفاصيل كثيرة مرت برأسى تلك اللحظة التى لم تتخطى عدد قليل من الثوانى ولكننى شعرت كم هى طويلة، فلقد كانت السيارة مسرعة وفقدت أنا القدرة على السيطرة عليها تماما وكنت أعلم جيدا أننى مهما فعلت، سأصطدم بذلك السور، ولا يوجد أحد بتلك المنطقة، فلن يشعر بى أحد، وحتى ان كُتب لى عمر جديد، ففى ظل انعدام الأمن الذى نعيشه مؤخرا نسبة ان اتعرض للمخاطر من قطاع الطرق كبيره جدا..فكرت أنه ربما تلك هى النهاية التى كنت دائما أخبر أحد أصدقائى المقربين عنها "نهايتى ستكون داخل السيارة"...
 اصدمت بذلك السور، وتحطم الرصيف الذى صعدت فوقه تماما، رأيت الزجاج وهو يتحطم أمام عينى، الAirbags طلعت وتركت شيئا على يدى لا أعلم ما هو حتى الآن ولكنى شعرت بألم شديد وقتها.
لم أعرف كيف استجمعت قواى ولكن عندما استوعبت اننى لم أصاب بشئ، نزلت من سيارتى ، وأصبت وقتها بحالة هيستيرية من البكاء، لا أعلم أيهما كان أقوى تلك الصدمة التى أصابتنى بتوجه السيارة بسرعة كبيرة نحو السور أم صدمة أننى لم تنزل منى نقطة دماء واحدة، فقط ذلك الوجع الذى ظهر بعد ذلك فى صورة كدمات...ربما الصدمة كانت فى أن حياتى كانت على المحك فى لحظة ولكننى حظيت بفرصة جديدة..لا أعلم.

لحظة مرعبة لن يتخيلها الا من مر بشئ مماثل، و لن تنتهى حتى اذا نجوت، فستظل تلك الصورة برأسك لأيام ثم تطاردك من آن لآخر...ولكنك لست بحاجة الى أن تعيش مثل هذه اللحظة لكى تجمح حصان تهورك، لكى تستمع الى ما نسميه بالنصائح المملة، فنحن مازلنا غير مستعدين لكى نغادر الحياة الآن، وبالتأكيد لا نريد أن نغادرها هكذا، فالدمار النفسى الذى تسببه مثل تلك الحوادث من الصعب تخطيه، حتى اذا نجوت جسديا، الذى لن يلحق بك فقط، بل بمن يحبوك أيضا، نعم السواقة بسرعة ممتعة جدا،ولكن عواقبها أكبر بكثير.

نظرة الخوف اللى شوفتها فى عين الناس اللى بتحبنى هى اللى هتخلينى اخد بالى منى بعد كده.
السواقة فعلا ملهاش كبير
وأخيرا..الحمدلله