اختفت فجأة أصوات السيارات من حولى، صوت الكاسيت
لم يعد موجودا، لم أرى شيئا غير سواد الليل وذلك السور الكبير الذى كنت أراه قريبا
جدا منى وأنا متشبسة بالدريكسيون، ولم أستطع أن أوقف سيارتى أمامه، والحقيقة أنا
لا أتذكر جيدا كم كانت سرعة السيارة وقتها، ولكننى متأكدة أنه كالعادة تخطيت ال140
على طريق القاهرة/ الاسكندربة الصحراوى.
دائما ما كنت اسمع قصص عن من تعرضوا لحوادث
السيارات وعن من نجا منها أو لم يكتب لهم حياة جديدة، ودائما ما كنت استمع الى
نصائح المقربين منى عن ضرورة التقليل من السرعة، والتركيز أكثر فى السواقة، ومازلت
أتذكر نصيحة والدى عن السواقة وهى "سوقى بالراحة..توصلى بسرعة" ، وعن
أنه يجب على ألا أستخدم هاتفى المحمول اثناء القيادة وخاصة الكتابة عليه، عن ضرورة
حزام الأمان الذى كنت انسى ربطه كثيرا مؤخرا وغيرها من نصائح متعلقة بنفس الأمر
ولكن كان الكلام يدخل من أذن ليجد طريقه تاركا رأسى ليخرج من الأذن الأخرى، ولكننى
تذكرت كل كلمة مما سبق تلك الليلة، الاف من الصور مرت برأسى، شريط حياتى، تذكرت
مشاجرتى مع أمى ذلك اليوم لقلقها الزائد على، وعن خلافى مع أحد أصدقائى، تذكرت
أننى لم أتحدث الى والدى فى التليفون، تلك الرسالة التى كان يجب ان ارسلها، تحدثى
فى التليفون تلك الليلة الى الكثير من أصدقائى التى انقطعت الصلة بيننا لأشهر نظرا
لانشغال كل منا بالحياة فقط لكى أطمئن عليهم وأسلم عليهم وغيرها من تفاصيل كثيرة
مرت برأسى تلك اللحظة التى لم تتخطى عدد قليل من الثوانى ولكننى شعرت كم هى طويلة،
فلقد كانت السيارة مسرعة وفقدت أنا القدرة على السيطرة عليها تماما وكنت أعلم جيدا
أننى مهما فعلت، سأصطدم بذلك السور، ولا يوجد أحد بتلك المنطقة، فلن يشعر بى أحد،
وحتى ان كُتب لى عمر جديد، ففى ظل انعدام الأمن الذى نعيشه مؤخرا نسبة ان اتعرض
للمخاطر من قطاع الطرق كبيره جدا..فكرت أنه ربما تلك هى النهاية التى كنت دائما
أخبر أحد أصدقائى المقربين عنها "نهايتى ستكون داخل السيارة"...
اصدمت
بذلك السور، وتحطم الرصيف الذى صعدت فوقه تماما، رأيت الزجاج وهو يتحطم أمام عينى،
الAirbags
طلعت وتركت شيئا على يدى لا أعلم ما هو حتى الآن ولكنى شعرت بألم شديد وقتها.
لم أعرف كيف استجمعت قواى ولكن عندما استوعبت
اننى لم أصاب بشئ، نزلت من سيارتى ، وأصبت وقتها بحالة هيستيرية من البكاء،
لا أعلم أيهما كان أقوى تلك الصدمة التى أصابتنى بتوجه السيارة بسرعة كبيرة نحو
السور أم صدمة أننى لم تنزل منى نقطة دماء واحدة، فقط ذلك الوجع الذى ظهر بعد ذلك
فى صورة كدمات...ربما الصدمة كانت فى أن حياتى كانت على المحك فى لحظة ولكننى حظيت
بفرصة جديدة..لا أعلم.
لحظة مرعبة لن يتخيلها الا من مر بشئ مماثل، و
لن تنتهى حتى اذا نجوت، فستظل تلك الصورة برأسك لأيام ثم تطاردك من آن لآخر...ولكنك
لست بحاجة الى أن تعيش مثل هذه اللحظة لكى تجمح حصان تهورك، لكى تستمع الى ما
نسميه بالنصائح المملة، فنحن مازلنا غير مستعدين لكى نغادر الحياة الآن، وبالتأكيد
لا نريد أن نغادرها هكذا، فالدمار النفسى الذى تسببه مثل تلك الحوادث من الصعب
تخطيه، حتى اذا نجوت جسديا، الذى لن يلحق بك فقط، بل بمن يحبوك أيضا، نعم السواقة
بسرعة ممتعة جدا،ولكن عواقبها أكبر بكثير.
نظرة الخوف اللى شوفتها فى عين الناس اللى
بتحبنى هى اللى هتخلينى اخد بالى منى بعد كده.
السواقة فعلا ملهاش كبير
وأخيرا..الحمدلله
No comments:
Post a Comment