Tuesday, May 21, 2013

المزيكاتيا .. "وجنانى ده عين العقل ..تقدر تتجنن زى؟"



ليلة جديدة من ليال القاهرة، الشوارع مكدسة بالسيارات، أصوات الكلاكسات تهيمن على أذان الناس، وكلٍ يسير هائم على وجهه متجها الى حيث لا يعلم.. هائم؟ ايه هائم دى؟! ما علينا
المهم يا سيدى جالى تليفون من أحد أصدقائى "على فكرة أحمد هيمن فى الزمالك بطبلة عند كافيه ولعة" ركنت عربيتى وققرت اروح أسلم عليه كونه أحد أصدقائى فى الاصل، ومكانش هيمن بس اللى موجود هناك، كان أعضاء فريق المزيكاتيا كلهم.. ودى بقى حكايتهم


المزيكاتيا هما ناس هاوية تلعب مزيكا، بس قرروا يعملوا حاجة بنشوفها دايما فى شوارع أوروبا، بس عمرنا ما تخيلنا اننا نشوفها فى مصر، ألا وهى انك نشوف ناس بتلعب مزيكا فى الشارع، المزيكاتيا أصلهم مش مزيكاتيا أصلا، كل منهم يعمل فى مجال مختلف، صديقى مثلا مصور صحفى، وناجح جدا فى مجاله، بس بيحب المزيكا، وفى علاقة بين وبين الطبلة ولا أكنها حبيبته، المزيكاتيا قرروا ينزلوا يلعبوا مزيكا فى الشارع،  مش حفلة، ولا عشان فلوس، ولا أى عائد مادى خالص.. مزيكا من اجل الانبساط..هما يتبسطوا..والناس اللى فى الشارع يتبسطوا شوفوا صفحتهم المزيكاتيا على الفيسبوك وأنتوا تفهموا قصدى.

ونرررجع تانى لليلة المفاجأة، اللى قررت أروح أسلم فيها على صديقى، طبعا مكانش ينفع ألاقى المزيكاتيا فى الشارع ومكملش باقى اليوم معاهم، خاصة وأنهم كانوا فى الزمالك، يعنى أمان.
قرر صديقى أن يبتعد عن ذلك الكافيه، لأن ليس ذلك هو الجمهور الذى يبحث عنه، فهو يريد عامة الشعب، اللى ماشيين فى الشارع، واستقر بنا الحال عند محطة البنزين اللى على ناصية شارع البرازيل، قفشت معاه يقف هناك، وكلنا استسلمنا لقراره..بنزينة!! وماله يا عم هو احنا صغيرين؟!

بدأ المزيكاتيا فى اللعب والدندنة، وكان أول من شجعوهم هم العاملين فى البنزينة، فى الأول اكتفوا بالفرجة، ومقدرتش أفهم الكلام اللى فى عينيهم، وكأن ما يدور فى عقولهم "شكلهم مجانين.. وماله ياعم، مجانين بس أهم مسلينا"، بدأ بعض الناس فى الالتفاف حولنا، ومشاعرهم المختلطة كانت هى المسيطرة على تعابير وجوههم، فهى خليط من الاندهاش، والفرحة، والترقب لما سيفعله هؤلاء المجانين الذين يلعبون المزيكا فى الشارع.
وفى عز ما احنا مندمجين، جاء ذلك الشرطى ليخبرنا أن الجيران منزعجين من صوت المزيكا (منزعجين؟!! ده احنا فى شارع 26 "ازعاج" يوليو..يعنى كلاكسات..موتسيكلات..ما علينا) فعزم عليه صديقى انه يقعد ويسمع مزيكا..فرد عليه "لأ..أنا مبحبش المزيكا أصلا...المزيكا من الشيطان" ..بس كده أقطم، دخلنا فى حارة سد..الجيران متضايقين؟ طيب هنحاول نتصرف..وعادى جدا المزيكاتيا كملوا زى ما هما.

بدأت الاعداد تتزايد، واللى يقف شوية يسمعلوا أغنية ويمشى، الراجل بتاع ديلفرى الكشرى، اللى ركن الموتوسيكل وقرر ينزل يصور بموبايله وفكس للطلب..ده غير انه عزم علينا بيه أصلا، البواب اللى لابس جلابية، وققر يسيب اللى فى ايده ويرقص وعلى وشه ابتسامة مفارقتهوش طول ما هو بيرقص، ذلك الشاب النوبى اللى لما سأله صديقى حافظ ايه لمنير عشان نلعبهولك، كان رده بتلقائية "عيب عليك السؤال ده" وقعدوا يغنوا أغانى لمنير، على أغانى نوبى حاجة ميكس كده حلو،  الفكرة أنه استوقفنى أن بعض الناس مشافوناش، ولا حتى سمعونا، مع أنهم عدوا من جنبنا، ولا أكننا موجودين...ماشيين زى ما هما فى طرقهم، أيا كانت جهة الوصول، تعابير وشهم واحدة، وسرعة خطوتهم تقريبا واحدة.

انتهت ليلة المزيكاتيا بكلمة من رئيس الوردية اللى فى البنزينة "انتوا انتزعتوا بسمة من على شفايف ماتت" ممكن ناس تشوف الكلمة دراما أوى، لكن الراجل فعلا كان بيتكلم من قلبه، تقريبا الناس فعلا شفايفها ماتت، نفسها تتبسط، بس مش عارفين ازاى، أو تقريبا نسيوا ان طرق الانبساط بسيطة جدا، المزيكاتيا عرفوا يتبسطوا ويبسطوا ناس كتير معاهم، مش لازم يكون ليك فى المزيكا عشان تتبسط، بس دعبس جوا كراكيب روحك..هتلاقى حاجة أكيد بتحب تعملها وبتبسطك، وممكن تبسط بيها اللى حواليك، حتى لو الناس هتشوفك مجنون ..رد عليهم رده مدحت صالح وشريف منير فى أغنية المليونيرات "وجنانى ده عين العقل ..تقدر تتجنن زى؟"

No comments:

Post a Comment