Friday, March 29, 2013

أنا أصلا متربتش

لقد نشأت فى اسرة تؤمن بحرية الرأى، و بأن كل فرد فيها له كيانه الخاص به، بل و له الحق فى اختيار شكل حياته و دراسته  مرورا بطريقة اختيار ملابسه.
رأيت كيف يحترم والدى خصوصية كل منهما و منها خصوصيتنا و بأنه لنا الحق فى أن تكون لنا أسرارنا الخاصة بنا بل و عالمنا الخاص الذى يندرج تحته كيفية اختيار أصدقائنا، نوع دراستنا، كيف سنختار شريك حياتنا و أنه لا مانع من أن نعيش تجارب عاشها أباؤنا لأن ربما تتغير النتائج بتغير الأشخاص و غيرها من أشياء كثيرة لنا الحق فى اختيارها لكى تكون جزء من عالمنا الذى سنحيا فيه بل و ستساعدنا أن نحيا من الاساس.
نشأت فى بيت يؤمن بمبدأ، اذا كان للمنزل اساسا قويا، فبإمكانك فتح نوافذه دون الخوف من أى عواصف قد تمر به، فلقد تربينا على أُسس و مبادئ تناسب البيئة المحيطة لنا، أو هكذا ظن والدى فلم يشعرا بالخوف أبدا لثقتهم فى كيف سنتصرف اذا واجهنا أى موقف.
و بدأت تتكون شخصيتى بناءا على ما زرعه والدى فى، و بدأت أتصرف طبقا للمبادئ الى تربيت عليه و بناءا على طريقة رؤيتى للحياة، فإذ بى أصطدم يوميا بأن معظم ما تربيت علية لا يتماشى مع مبادئ مجتمعنا؛ فلا المجتمع  لا يتقبل فكرة أن تكون لى شخصية قوية، أو أن أكون صاحبة رأى، فأرى فى عين الكثير نظرة الاستعجاب أو الترقب لتصيد الاخطاء، فى البداية كنت أعتقد أن هذه مجرد ظنون و أنه لا داعى لتطبيق مبدأ "نظرية المؤامرة" و لكن مع الوقت اكتشفت أن المجتمع يصنف كل صاحب رأى أو شخصية قوية بالجرأة و انعدام المبادئ و أنه شخصية مُنتَقدّه دائما لانها شخصية مُنتقِدة لما حولها، فإن تمردت على واقع لا تقبله فأنت عدو و لست من بقية القوم.
إن لم أقبل التدخل المستمر من قِبل كل من حولى فى حياتى، بل و محاولتهم المستميتة فى فرض طريقة رؤيتهم للحياة لكى تصبح رؤيتى هى أيضا، فلن يقبلنى المجتمع. لأنه كل فرد ستقع عينه على أو سيمر فى حياتى، لابد و أن يعتبرنى ملكية خاصة، و أن له الحق فى تشكيل شخصيتى كيفما يرى، لأننى مهما مررت بتجارب أو أيا كانت رؤيتى للحياة فهى دائما خاطئة طبقا لمفاهيمهم بل و أحتاج التقويم من جديد و هذا يتنافى تماما مع ما تعلمته، فأنا من حقى أن يكون لى عالمى الخاص كيفما أرى، طالما لم و لن أضُر أحد.
أما عن التجارب و عن كونها هى الفيصل و أن من خلالها سأكتسب الخبرة للحكم على الاشياء فيما بعد، فطبقا للمجتمع "التجارب أصلا حرام"، و خاصة عن كونى بنت فكل شئ بحساب حتى التجارب و كأنما من حولى هم من سيتحملون نتيجة أفعالى، فعلى سبيل المثال دائما ما يطرح المجتمع  سؤال كيف أن تسافر بنت وحدها دون أهلها أو زوجها و أنه اذا ما سافرت البنت وحدها فكأنما هذه فرصة لها لكى تنحرف و و كأنما هى فى انتظار أن تعبُر الحدود لكى تفجُر، و هذا أيضا يتنافى مع ما نشأت عليه من أن السفر من أن أهم التجارب التى ستضيف لى كشخص ليس فقط من رؤية ما هو جديد، بل الاختلاط بثقافات ربما تتشابه أو تختلف مع ثقافتى و لكنها بالطبع فيها ما قد يضيف اليها بل و دائما ما كان يشجعنى والدى على السفر.
و الكثير و الكثير عن مجتمع معالمه مازالت مجهولة ربما لتوهانه أصلا فى تحديد هويته، و لكن ما علمته من هذا المجتمع أننى فى نظره فى كثير من الاحيان "متربتش". أنا متربتش و لكنى أفتخر بذلك.


مالالا

بالتحدث عن التحديات التى تواجهها المرأة، يُطرح سؤال هل المرأة العربية تريد بالفعل أن تخوض مثل هذه التحديات، هل من الممكن أن نجد فى بلادنا العربية قصة مثل قصة مالالا تلك الفتاة الباكستانية التى واجهت الموت بعد أن حاول قتلها جهاديون من حركة طالبان و الذين يروا أن دورة حياة المرأة تتلخص تنحصر فى التالى "بيت والدك، بيت جوزك ثم قبر يلمها" و ذلك لاصرارها على الذهاب الى المدرسة و لدفاعها المستميت عن حق البنات فى التعلم، فقاموا بإطلاق النار عليها لينهوا حياتها أو بمعنى أصح ليقتلوا حلمها و لم تكن تعلم أن ذلك الحلم البرئ فى أن تتعلم قد يكون سببا لتعرضها لتجربة الموت و هى مازالت فى مقتبل العمر.
و يذكر أن مالالا كانت من ضمن المرشحين لجائزة السلام الدولية للأطفال التي تمنحها مؤسسة كيدز رايتس الهولندية العام الماضي، و تعتبر أول باكستانية ترشح لمثل هذه الجائزة.
 و كانت قد حصلت العام الماضي على أول جائزة وطنية للسلام في باكستان بعد أن قامت بالتنديد بأعمال العنف التى تقوم بها حركة طالبان و خاصة حرق مدارس البنات و ذلك من خلال كتابتها فى مدونة على ال BBC عام 2009
و السؤال هنا، اذا قامت الفتاة أو المرأة العربية بمواجهة مثل تلك التحديات التى واجهتها مالالا و التى ليس بالضرورة أن تتلخص فقط فى حقها فى التعليم أو العمل، هل ستجد من يسنادها، أم أنها ستُطالب بأن تمشى جنب الحيط حتى لا يتكرر ما حدث لمالالا مرة أخرى. فمثلا، يُذكر أن والد مالالا قال عقب اصابتها ''أشكر العالم الذي يُدين بشدة محاولة اغتيال مالالا، وأشكرهم على أمنياتهم بالصحة والعافية لها، وأشكر دعمهم لقضيتها الداعية للسلام، والعلم وحرية التعبير والفكر''. فكيف سيكون حال الاب العربى اذا تعرض لمثل هذا الموقف؟

و بالحديث أكثر عن المرأة العربية؛ فعلى غرار من النهاردة مفيش حكومة أنا الحكومة، يسعى الكثيرون الى على سن قوانين مجتمعية تحت شعار قرأته من قبل و ظل عالقا بذهنى "من النهاردة مفيش ستات.. أنا الستات". و الغريب أن تلك الشعارات التى تتردد ضد المرأة يُزج بإسم الدين فيها، من منطق تطبيق الشريعة. فمن وجهة نظر هؤلاء أن المرأة نفسها عورة، و مثيرة للغرائز البشرية بل و انها بتزنق عل حق الراجل فى انه يتنفس و يعيش و يشتغل و بناءا عليه يسعى الآن الكثيرون لتحريم عمل المرأة نظرا لأنها تأخذ فرصة عمل كان من الممكن أن تكون لرجلا.
فالفتاة أو المرأة الناجحة فى عملها تكون فى معظم الوقت تحت ذلك الميكروسكوب المتصيد للأخطاء و كأنه أصبح من الطبيعى أن يكون وراء كل رجل عظيم امرأه تشجعه و تسانده دائما، بينما وراء كل امرأة ناجحة نفسها فقط، حتى تثبت للمجتمع أنها أهل للمسئولية و أنها تستطيع النجاح على المستوى الشخصى و العملى فى نفس الوقت.
فهل ستصل مجتمعاتنا الى مثل هذه الدرجة من التدهور الفكرى فى أن  يصبح تعليم البنات فى حد ذاته شيئا يرفضه المجتمع؟ فنحن نسيربنجاح و بخُطى ثابتة نحو الامية، و منها سنصبح أرض خصبة لتطبيق مثل تلك الانتهاكات التى تتم تحت شعارات كاذبة باسم الدين. فإن كان الأمر كذلك، فمن ستكون يا ترى مالالا العالم العربى؟

Saturday, March 23, 2013

دُرجك ايه؟

يوم الأحد، أجازتى الاسبوعية، خرجت مع بعض الاصدقاء لنجلس فى رووف توب فى الزمالك، فهو يطل على النيل و أجواءه مختلفة و بذلك سأضمن أمسية أستطيع فيها فصل فيشة دماغى بعد أسبوع عمل طويل و أستعد منها لأسبوع آخر جديد.
أخذنا نتبادل أطراف الحديث فى كل شئ لا علاقة له بالعمل، و بدأ أصدقائى يتحدثون عن فيلم Bruce Almighty و الذى شاهدوه منذ فترة، توقفت عند فكرة أن البطل كان يشعر بضجر شديد نحو ما وصلت اليه حياته و كيف أنه دائما ما تأتى الحياة بما لا تشتهى نفسه فبدأ يلوم ربنا، فظهر ربنا له فى شكل انسان و اتفتح أمامه درج كبير و به ملفات كثيرة، و كل ملف يمثل فترة زمنية من حياته، و بغض النظر عن الفكرة الخيالية التى عرضها الفيلم و هى ظهور الرب فى شكل انسان، فلقد شردت فى دُرج حياتى، و إذ به عدد لا بأس به من الملفات.

الملف الأول: ملف الطفولة (خليك فاكرنى)

كانت الحياة آنذاك خالية من المشاكل بمعنى الكلمة، فكل شيئا جميلا فى عالمى، أقصى أحلامى وقتها كانت سفرية السنة، كان مايرسم بسمة على شفاهى الشوكلاتة اللى كان جدو بيجبهالى، كانت كل الناس فى عالمى جميلة، عالم لا يعرف الكذب، عالم يستحق أن نمكث به عدد لا بأس به من السنوات، أو سنوات حياتنا كلها ان أمكن.

الملف الثانى: ملف المراهقة (حتمرد على الوضع الحالى)

توقفت عند هذا الملف قليلا، فهو ملف من نوع خاص، ذلك الوقت الذى تبدأ فيه ملامح الشخص تتحدد، و فيه أيضا الكثير من المشاعر المبعثرة و الغير موظفة فى نفس الوقت. أذكر جيد تلك الخلافات مع والداى وقتها عن جروب النادى الذى كُنت أحرص دائما على اللقاء بهم كُل ويك اند، و أذكر كيف كنت أناقشهم لأصل معهم دائما الى حل وسط فيما نختلف عليه، و كانا دائما يستمعا الى قبل اصدار أى فرمان أبوى.

الملف الثالث: الجامعة (محدش مرتاح)

فى هذا الوقت من العمر، نريد كُل شئ و عكسه، فأنا على سبيل المثال، اخترت بكامل قواى العقلي الجامعة و الكلية اللى دخلتهم، و لكن بعد مرور أكثر من شهر كنت أسأل نفسى سؤال "أنا ايه اللى جابنى هنا" و كنت أمقت الكثير من المحاضرات وقتها نظرا لزيادة معدل ضربات الملل القاضية على العمر كلما تحرك عقرب من عقارب الساعة نحو اليمين و لأن كان هناك بحورا واسعة بينى و بين الدكاترة فالكثير منهم يشرح و كأننا كطلبة من نوعية نيوتن و الفارابى، و لكنى كنت أحتفظ بأسباب ضجرى لنفسى نظرا لأنه معظم من حولى فُرض عليهم القتال فى كليات لم تتسنى لهم الفرصة لاختيارها، ديتها 4 سنين.

الملف الرابع/ الحالى (أنا مش عارفنى)

الملف الذى حيّر الكثيرين و مازال هو السؤال المحورى لكل منا؛ فهذا هو الملف الذى يحمل سؤال "ماذا تريد أن تفعل؟" سواء كان على المستوى الشخصى أو العملى، فوجدت فى هذا الملف صفحات من كل ملف سبق و أن عشته، فمثلا هناك صفحة من ملف الطفولة، فمن منّا لا يحلُم بأن يعيش طفولته من جديد، خاصة بعد ما عدى علينا من ملفات، و تلك الصفحة من ملف المراهقة، فمشاعر الحب وقتها كانت أصدق، و بعيدة عن أية حسابات، و الخلافات كانت أبسط مما هى عليه الآن، فلم يكن لها علاقة بأشياء جوهرية. و كان هناك أيضا صفحة من ملف الجامعة بكل ما فيه من قرارات طائشة و تجارب متهورة التى أحن اليها فى الكثير من الأوقات. أما عن الصفحات الرئيسية فى هذا الملف فهى مازالت تحت التأسيس، فرأيت صفحة العمل بها عدد لا بأس به من السطور، و صفحة الحياة الشخصية مازالت مشوشة و كلماتها ليست واضحة بالنسبة لى.

فقمت بإغلاق ذلك الدُرج، و تسائلت، هل ما اذا سنحت لنا الفرصة بالقاء نظرة على ملفات عقولنا بتمعن سنستطيع أن نفهم كيف تكونت شخصياتنا؟ هل احتفاظنا ببعض الصفحات من الملفات القديمة هو ما يجعل رؤيتنا مشوشة لملف حياتنا الحالى، بل و يجعلنا واقفين مكتوفى الأيدى فلا نستطيع كتابة صفحات جديدة؟ هل نستطيع التخلص من الملف الذى لا نرغب فى تذكره؟ و ماذا إن تبعثرت كل الصفحات بحيث نعيش كل يوما صفحة من ملف منهم، أو فى اليوم الواحد نعيشه بكل تلك الاحاسيس التى مررنا بها بدءا من الطفولة، فأيا كنا مسيرين أو مخيرين فهذه الحياة، مازالنا نحن كُتّاب هذه الصفحات.

Wednesday, March 20, 2013

رسالة الى أمى


مامتى حبيبتى،
يعجز لسانى كثيرا  عن التعبير عن مدى حبى و تقديرى لكى، نعم نختلف كثيرا، و فى معظم الوقت لا أتقبل قلقك الزائد على و تلك المكالمات التليفونية الكثيرة عندما ينقلب حال البلد رأسا على عقب خاصة عندما أتأخر فى عملى ، لأنه بالنهاية لقد تعلمت منك كيف أن أكون فتاة تستطيع مواجهة أى أى شئ، تعلمت منك أهمية أن أكون ناجحة فى عملى و أن أُكرس الوقت اللازم لذلك، تعلمت منك أننا لن نجلس فى بيوتنا مكسورين او خائفين من أى أى شئ قد تضعه الحياة فى طريقنا، ببساطة تعلمت منك أن أوجه الحياة.
ربما يخطئ الكثيرين فى فهمك، و أحيانا أنا، و لكنى أعلمى جيدا أننى أُدرك جيدا حقيقة طيبة قلبك و حبك للحياة التى أخذلتك فى كثير من الاشياء، أعلم ما واجهتيه جيدا من صعوبات لكى تُحافظى لنا على بيئه جيدة ننشأ فيها، أُقدر جيدا كل التضحيات التى قمتى بها من أجلى أنا و أخوتى.
أعلم أننى أتعبتك كثيرا، خاصة أنا،  عندما أمرض، أعتذر عن ذلك، فلم أُريد أبدا أن أؤلمك بذلك، لم أريد يوما أن أرى تلك نظرات القلق و الحزن فى عينيك فأنتى لا تستحقى ذلك.
أعتذر أننى نسيت عيد ميلادك هذا العام لأول مرة فى حياتى، و أعلم أن انشغالى مؤخرا بعملى فى المجلة ليس بعُذر، و لذلك أعتذر مرة أخرى.
أعتذر لكى بشدة لأننى لا أشاركك أحزانى، و بخاصة عندما ترينى أبكى دون أن تعرفى السبب، فأنا لا أُريد أن أُزيد همك، أعرف أنكى تستطعين أن تشاركينى فى هذا العبئ الثقيل، و لكننى أرى انكى تستحقى أفضل بكثير من أن تقضى حياتك لتحملى همومنا.
أعتذر جدا عن مشادتنا الكلامية، أعلم أنكى تريدين الأفضل لى، و لكننى مازلت أُصر أن أتحمل أعباء حياتى وحدى وأريد فقط أن أشاركك لحظات نجاحى لتكونى فخورة و سعيدة بما أوصلتينى اليه.
فلقد تحقق ما أردتيه دوما، ها أنا الآن ناجحة فى عملى و يطلق على أنى "بنت بميت راجل" و بإمكان الجميع الاعتماد على و سأستمر فى المحاولة كل يوما لكى أحقق ما أتمناه من أحلام.
لا تقلقى، سأظل دائما مُعترفة بكل ما قُمتى به من أجلى، حتى ان لم أكن أقولها كثيرا ففى ظنى حبى و تقديرى لكى من المسلمات و من الاشياء التى معروفة لكى قبل الجميع، فكل شئ وصلت له و سأعمل للوصول اليه فى السنوات المقبلة ستكونين أنتى صاحبة الفضل الاساسى فى ذلك.
أكتب اليكى هذه الرسالة يوم الاربعاء "يوم تقفيل المجلة" و طبعا كعادتك قلقة لأننى سوف أعمل حتى اليوم التالى، فمعدل قلقك يتناسب طرديا مع معدل سماعى رنة موبايلى، و اللى بسمعه كتير طبعا كل أربعاء من مكالمات "أميرة، البلد مقلوبة. أميرة ،بيوقفوا البنات فى الطريق" ..ألخ
و أخيرا، كفاكى قلقا، فأسوأ شئ من المتوقع حدوثه، سأستطيع أن أتغلب عليه، فهكذا تعودت و هكذا تعلمت منك.
شكرا لأنك بتستحملينى كتير و شكرا انك بتحبينى.
أنا فخورة انك أمى.




Wednesday, March 13, 2013

مش هتجوز

أنا فتاة فى الخامسة و العشرون من عمرى، لست متزوجة، و لم يسبق لى الزواج، الحمدُلله يعنى. أه عادى بحمد ربنا، فأنا مع احترامى الشديد لا أرى أنه شيئا عيبا أو حراما أن يتأخر سن زواج البنت طالما ذلك الشخص الذى ترغب فى أن يشاركها حياتها لم يظهر فى حياتها بعد. فمن الذى يضع القواعد. هل سنظل دائما مفعولا به. هل يجب أن نتبع ما كُتب فى الكُتُب على يد مجهولا. نحن من نضع القواعد و نحن من يُكسرها فى حالة أنها لا تتناسب مع زمننا أو رؤيتنا كأشخاص.
و لقد تعددت المشاهد فى حياتى و السؤال واحدا "مش هنفرح بيكى بقى؟".
المشهد الأول
"أدخل الى المنزل منهكة بسبب قضاء يوما طويلا بالعمل، أمى كعادتها تتحدث الى جدتى فى التليفون. ماما: زوزو بتسلم عليكى. أنا: سلمّى عليها كتير و قوليلها وحشتينى. ماما: بتقُلك و انتى كمان، و ها مش هنفرح بيكى بقى؟"
المشهد الثانى
"أرجع المنزل لأجد ضيوف، طنط صاحبة ماما: ايه ده، ما شاء الله، كبرتى يا أميرة، انتى فينك دلوقتى؟ أنا: مِرسى يا طنط، أنا بشتغل دلوقتى فى مجلة. طنط صاحبة ماما: برافو، عُقبال العريس، ايه، مش هنفرح بيكى بقى؟"
المشهد الثالث
"أنا راجعة بعد يوم شوبيج طويل، و أخيرا جبت الفُستان اللى هحضر بيه فرح مديرى. أنا: مامتى، ايه رأيك فى الفستان ده؟ ماما: الله! حلو أوى، عُقبالك يا حبيبتى، هو احنا مش هنفرح بيكى بقى؟"
لأ. لأ. لأ. مش هتفرحوا بيا! لأن مش كُل ما هعمل حاجة فى حياتى، يجب أن يعقُبها سؤال "مش هنفرح بيك بقى؟". هو أنى أكون ناجحة فى شُغلى ده مش سبب كافى للفرح مثلاً؟ أم ستظل فرحتى ناقصة إلى أن أتزوج؟ و ما هى العلاقة بين أن جدتى وحشتنى و أن أتزوج يا ترى.
أما عن أسباب عدم زواجى حتى الآن، أولا، بالرغم أننى مازلت فى الخامسة و العشرون من عمرى، الا اننى لا أؤمن بتلك المقولة الخايبة بتاعة "هيفوتك القطر" فالرجُل ليس ب"قطر"، لأن باعتباره قطر، هذا يعنى أنه اذا وقفت أمامه هيدوسنى؟ طيب، هو أنا المفروض أجرى وراه عشان ميفوتنيش؟ هو مش الرجل فى حياة المرأة لكى يكون سندا لها، يُكملها، يُشعرها بأنوثتها. أنوثة مين بقى و أنا بجرى ورا القطر.
ثانيا، "عايزة أكُّون نفسى"، نعم، فهذه العبارة لا تقتصر على الرجال فقط و لا تتلخص فى الاستعدادات المادية، فأنا ممن يؤمنوا بعمل المرأة، ليس بحثا عن حقوقها و غيره، بل لانه بعملى، أكتسب خبرات حياتية و ليست مهنية فقط، فأنا أُقابل الكثير من الاشخاص يوميا الذين بالطبع يضيفوا الى بشكل أو بآخر و بذلك سيكون حُكمى على الاشخاص أفضل. و من العجيب أنه قالت لى واحدة من حزب "مش هنفرح بيكى بقى؟" أنه كلما اكتسبت خبرة فى الحياة سيكون الاختيار بالنسبة الىك أصعب و ذلك لأن إدراكك بالأمور سيكون أكبر و قتها. نعم؟ هل لذلك يجب أن أتزوج فى سن صغير، عشان مبقاش فاهمة؟ فألبس يعنى؟
ثالثا، لان الزواج لا يتلخص فى يوم الفرح و قائمة المعازيم الطويلة و الفندق الانيق و ذلك الفستان الأبيض الذى يجب أن يكون من أحدث بيوت الأزياء الفرنسية، و غيرها من الاشياء التى تُعد من أهم عناصر النميمة فى مجتمعاتنا، فأنا لن أتزوج كل ما سبق.
أما عن السؤال اياه، فردّى كما يلى: هتفرحوا بيا عندما يحين الوقت، عندما أكون قادرة على اتخاذ مثل هذه الخطوة المهمة، فالزواج ليس بعقد قران، أو فستان أبيض، أو قطرا ألهث ورائه لكى اتمكن من اللحاق به، الزواج هو تلك الرابطة الانسانية بينى و بين ذلك الشخص الذى سنتشارك معا كل شئ، مش هتجوز الا عندما أجد من يستحق أن أقتسم معه وقتى و أن يكون جزءا من أحلامى المستقبلية و أن يكون نجاحى فخرا له، و ليس شيئا يجعله يتخوف منه، بل يُشجعنى و بالطبع سأفعل المثل له. مش هتجوز النهاردة عشان ألاقى نفسى بُكرة من مُطّلقات الجيل، ليس لأنه عيبا و لكن لأنه لا داعى للتسرُع. و أهم حاجة، لأ! أنا مش هتجوز طبعا جواز صالونات، لأننى لستُ صالونا.
مش هتجوز... عشان تفرحوا فيا... أنا هتجوز لما أحس أنه أنا ينفع أتجوز. عشان تفرحوا بيا

Saturday, March 9, 2013

قوتى تكمُن فى ضعفى


اكره عندما يطلب منى من حولى أن أكون قوية، و أن أُخفى ضعفى.

أكره عندما يلومونى المُقربين لى من انهيار مشاعرى فى بعض الأوقات.

فمشاعرى هشّة، لا تستطيع الصمود أمام عقبات الحياة.. و لا أستطيع أن أُزيد الحمل عليها فأخسرها الى الأبد.

فلماذا لا تطلبوا من الحياة أن تكُف عن مضايقتى، أن تكُف عن أخذُ ما يُشعرنى بالسعادة...بالأمان.

فما القوة من صفاتى ....أو ربما قوتى تكمُن فى ضعفى.

أنا لستُ بهارب... أنا حالم


استيقظت من نومها كعادتها تبحث عن فنجان القهوة، فبه تنتعش افكارها و فيه تسبح بخيالها لتتذكر كل لحظاتها الجميلة

تأخذ سيارتها لتستمع الى أغنيتها المفضلة و تسير فى طريق لا تعرف نهايته، فتشعر بوخزة فى قلبها، فأوجاعها التى تدفن كُل يوماً 

المزيد منها تحاول أن تطفو لتذكرها أنها موجودة و أن الهروب ليس بحِل.

فتزيد من سرعة السيارة و كأنها تزيد من سُرعة الركض من تلك الأوجاع

فتتصارع تلك الأوجاع  صارخة محاولة أن يصل صوتها الى العقل الهارب من الواقع، أنا هُنا، دواينى ...لا تهرُبى...

و لكن يستمر هذا العقل فى الانكار...أنا لستُ بهارب... أنا حالم..حالم بواقع أفضل الى أن يتحقق

سعادتك فين؟

سؤال يعكس معنيين، الاول هو أين أنت كشخص، و الآخر هو عن سعادَتك أنت كشخص؟ و لكن هل إجابة أحدهما ستساعدنا فى أن نصل لإجابة الآخر. هل اذا علمنا أين هو موقعنا من الحياة ستتحقق سعادتنا.

فهل حياتنا كما هى لعبة ال Puzzle نحيا دائما نبحث عن تلك القطعة التى تكتمل بها الصورة، فننسى أن نستمتع بالحياة؟
هل الحياة تتلخص فى الصورة النهائية التى وصلنا إليها، أم فى التفاصيل التى عشناها قبل أن تُكتب كلمة النهاية أم هى تلك القطعة التى أكملت الصورة.

هل تلك القطعة الناقصة لتُكمل Puzzle  الحياة هى  قطعة ملموسة؟  أم هى السؤال نفسه؟ هل إجابة هذا السؤال من الثوابت أم هى مُتغيرة.

هل ما يُكمل الصورة هو شخصاَ ما، نظل طوال حياتنا نبحث عنه لكى يُكملنا، فإن كان الأمر كذلك، كيف نبنى حياتنا و سعادتنا على شخص ربما لن يستطيع أن يُكمل معنا المشوار لأى سبب من الأسباب، فالحياة عودتنا أن لا شئ يدوم و بخاصة الأشخاص.
هل بحثنا طوال الوقت عن تلك القطعة الناقصة يُغشى أبصارنا عن ما نملكه من أشياء قد تكون هى سعادتنا بالفعل.
فربما سعادتنا هى أشياء بسيطة قد لا نُقدر قيمتها، و لكنها تترك ابتسامة على شفاهنا، بل و تُحرر أرواحنا مما قد تسببه الحياة من هموم.

و ممكن أيضا أن تكون هى إنفصالنا عن من قٌدر لنا العيش معهم لسنوات طويلة هو ما سيُحررنا و سيكون هذا هو نقطة بداية جديدة فى حياتنا فقط لأنهم لم يكونوا ضمن إجابة السؤال.

 أو تنعكس فى أملنا فى أن غدا يومٌ أفضل، و أن ذلك الواقع الذى فُرض علينا أيا كانت الظروف سيتغير، ليس بتغيُر الأشخاص و لكن بقُدرتنا على أن نسحب منهم الأدوار التى رسمناها لهم فى خيالنا، هو ما سيمنحنا تلك السعادة التى نبحث عنها؟
فماذا سيحدث إن أفرجنا عن تلك الشخصية التى توجد بداخلنا فقط و فى كثير من الوقت هى عكس ما يراه الناس هو طريقنا لنعلم أين نحن من الحياة و أى شخصية تناسبنا اكثر.

أو ان نُفصح عن ما نكتمه بداخلنا من الكثير من الأفكار، التى لا نبوح بها ربما لأنها من وجهة نظر المجتمع غير مشروعة أو خوفا من نخسر الاشخاص و التى تُصيبنا فى النهاية بخسارة أنفسنا.

فما العيب فى أن تعيش قصة حب معالمها غير واضحة و لكنك مستمتع بتفاصيلها و بما اكتشفته فى شخصك و لم تكُن تعلم أنه موجود من الاساس، فربما تكون هى سر سعادتك حتى إن لم تكتمل.

هل ما إذا وصلنا للكمال ، ستتحقق سعادتنا، أم أن سر جمال الحياة هو رحلة البحث المستمرة عن تلك القطعة الناقصة؟

فكتب الصحفى و الكاتب رجاء النقاش ان الحياة هى القصيدة البطولية للانسان الذى يبحث عن شئ، يبحث عن النجاح حتى و لو لم يكتمل، يبحث عن الحلم حتى لو لم يتحقق، يبحث عن الحب حتى لو لم يجده لقد كانت ام المسيح تستنكر ان يجئ ابنها الى العالم بدون اب لكنه جاء و غير الدنيا و كانوا يقولون عن بروين أنه عار العائلة لكنه ظل يعمل و يجتهد حتى اصبحت العائلة تنتسب اليه. ان الحياة لا تعطلا سرها و سعادتها بسهولة.

الانوثة كبصمة الإصبع ... فلا تتشابه امرأتان

كُتب الكثير عن الانوثة، و عن مفاتيح الانوثة و كيف تجذبين الرجال اليك، و نصائح حول كيف تتصرفين بأنوثة و غيرها من محاور تناقش الانوثة من منظور سطحى يكاد يكون أقرب من الابتذال.

فكُلٍ يفسر الانوثة على ليلاه، فالبعض يراها مجرد كلمة فى البطاقة، و البعض الآخر يُلخص مفهومه للأنوثة فى طريقة اختيار الملابس، ووضع المكياج، و أو حتى طريقة الكلام و البعض يحصرها فقط فى أنها وسيلة لاغراء الرجال. و الحقيقة أن الانوثه هى منهج، نؤمن به فنتبعه بالفطرة فينعكس بأكثر من صورة على كل تفصيلة فى حياتنا اليومية. هى اهتمامك بالمظهر و الجوهر بالتساوى. هى ايمانك بأهمية كل منهما بل و أنهما مكملين لبعضهم.

قد يبدو الموضوع بسيطا و قد يرى البعض الكلام فيه من التفاهة، أو أن المرأة التى تهتم بتلك الاشياء هى امرأه فارغة العقل و لكن فى حقيقة الامر أنه الاهتمام بتلك الاشياء هو قمة العقل.

فأنا أرى أن اهتمامى بمظهرى بدءا من ملابسى، مروروا بشعرى و حتى طلاء أظافرى لا يعكس سوى شئ واحد، و هو اهتمامى بالتفاصيل التى بالطبع تعكس الطريقة التى أرى بها نفسى و التى ستنعكس بشكل أو بآخر على كلٍ من، حياتى الشخصية و العملية بطريقة ايجابيةمش عيب تبقى بنت، مش غلط أنك تحبى تشوفى نفسك فى المرايا و تبقى راضيه عن شكلك  و تُخصصى وقتا من يومك لذلك، و بنفس الوقت أن يكون لكى رؤية لحياتك العملية و أهدافا تسعى لتحقيقها يوميا.

فشعورك بأنوثتك بطريقة أو بأخرى هو أحد مفاتيح الثقة بالنفس مما سينعكس فى طريقة تعامُلك مع الآخرين و فى أن تكونى متحدثة لبقة تعرفين كيف توصلين ما تريدى بذكاء.

فالانوثة كما أراها هى فن مداعبة عقول الآخرين ليعجبوا بجوهرك و مظهرك معا. هى خليط من الجرأة و الخجل، هى نضج و عفوية، هى تلك الشعرة بين قوة الشخصية و نعومتها، هى الحدة و الرقة  هى طريقة رؤية للحياة من منظور خاص بك انتى وحدك.
الانوثة هى احساس يتغلغلك بعفوية فيميزك عن غيرك من نساء اخريات، فأنا أؤمن بأن الانوثة هى مثل بصمة الاصبع، شئ لا يستطيع أحد تقليده و بنفس الوقت هو أحد أهم الوسائل لتتعرف الى صاحبه منها...و لكن اختلافها الوحيد عن بصمة الاصبع هى أنك يجب أن تعملى على اظهارها، على الشعور بها، على معرفة قيمتها.

فلتجعلى كل يوما هو محاولة منك لتحقيق المعادلة التى قد يراها البعض صعبة و هى أن تكونى أنثى من الخارج تسُّر نظر من يراها فتتحدث فيصمت الجميع ليصغوا  ما تقوله باهتمام لمحتوى الكلام فيعجبوا بجوهرها.
فلنغير الطريقة التى يحكم بها المجتمع عن المرأة الجميلة، فهى ليست مجرد جسد يتحرك، بل هى شخص، كيان، هى أنثى تعرف جيدا ما تريد من الحياة و تعرف أيضا كيف تستمتع بها.

فلتجعلى كل يوم ايمانك بشخصك، بأنوثتك، يهمس اليك كل صباح و يكون حافزا لكى فى كل خطوة تخطيها، فلتفخرى بأنوثتك التى هى محرك لك قبل أى شخص آخر. فلترتدى أفضل ما لديك، و تعطرى بأحلى العطور، فلتشعرى بأنوثتك. ارتدى انوثتك، فالانوثة ليست شيئا نخجل منه فنخفيه... أو ذنبا نتوب منه.




كفرت بالثورة

منذ عامين كنت ممن يطلق عليهم شباب الثورة، كنت مؤمنة بالتغيير، كنت أرى أننا فى طريقنا لتحقيق حلم الدولة التى نفخر دائما بأمجادها و التى لم نكن جزءا منها أبدا. كنت فخورة بأن أكون ممن يطلق عليهم الشباب الذى صنع التاريخ. عاندت رغبة أهلى و بعض من أصدقائى فى أن أكون جزءا مما يحدث، لم أستمع قط لمخاوفهم على من الغاز المسيل للدموع و الضرب و التحرش و غيره من عقبات كان يستخدمها النظام السابق لتوقيفنا، نزلت للميدان كثيرا دون علمهم، فكنت أعلم جيدا أنهم سيفهموا يوما ما.

لم أستمع لكلام هذا اللواء الذى استوقفنى يوم 26 يناير، 2011 فى ميدان التحرير ليطلب منى الرحيل قائلا "انت بنت ناس و فى عمر ابنتى، روحى البيت، احنا عندنا  أوامر بالتحرش بالبنات و القبض على الولاد".

و لم أكن فقط أنزل للميدان، بل كرست كل وقتى للثورة، و حضور ندوات التوعية السياسية، تويتر و فيسبوك أصبحوا من أهم  الوسائل التى كنت أعرف منها ماذا يحدث فى الميدان أو أنقل من خلالها ما يحدث ان كنت هناك.

كنت أفُكر دائما فى شئ واحد "لابد أن أكون جزءا مما يحدث، هكذا يحدث التغيير".

تأثرت بالكثير من أهالى الشهداء و الذين قابلت البعض منهم، ذهبت الى والدة خالد سعيد و الجدير بالذكر أن اصرارها على استعادة حق ابنها، ايمانها بما كانت تفعله، نزولها للميدان، نظرة الامل فى عيون مارى دانيال و ايمانها بأن تُكمل ما فقد مينا دانيال حياته من أجله ، كانوا من أحد اعوامل التى ساعدتنى على الصمود أمام الاحباطات التى كانت تواجه الثورة.
و توالت الاحباطات السياسية، و أصبحت الاحداث الدامية هى سيد الموقف، فبدلا من أن نطالب بحقوق الاحياء، أصبحنا نطالب بحقوق الذين رحلوا عنا، ليرحل عدد جديد منّا، فأصبحنا نسير فى دائرة مغلقة.

توقفت عن النزول الى الميدان، فقدت ايمانى بالمليونيات، فالمسيرات أصبحت غير مؤثرة، و ان كانت فقط للتعبير عن الرأى، فهى أيضا غير معبرة.

فلقد آمنت بالبرادعى و غيره  ممن نادوا بالتغيير، و لكننى فى معظم الوقت لم  أجدهم فى المشهد السياسى، خاصة فى الاوقات التى تستدعى وقوفهم مدافعين عن ما ما أقنعونا به كشباب، أقنعونا بأننا قادرين على أن نحلم، فحلمنا ولكن تحول الحلم الى كابوس. فبعد أن كان يفتخر الجميع بشباب الثورة و ما حدث من تغيير كان بعيد عن توقعات أى أحد، أصبح الجميع يطالبنا بتصليح خطأنا و أصبحوا يلقوا اللوم علينا نظرا لما وصلت اليه البلد من حكم آخر فاسد مستتر تحت ستار الديموقراطية و عن مجيئه بناءا على رغبة الشعب.

أصبحت غير مهتمة بما يحدث فى البلاد، أصبحت لا أعلم شيئا عن الجديد فى عالم مليونيات الثورة أيا كانت مسمياتها.

تحولت الى ذلك الحزب الذى كان غير مؤمن بالثورة فى بدايتها، أصبحت أتابع الأحداث على شاشات التلفزيون بالصدفة فقط ان تواجدت فى مكان يتابع أصحابه ما يحدث، لأتحسر على زيادة عدد الضحايا. فبعد أن كنت مصدر أخبارا لأهلى و من حولى لما يحدث فى ميدان التحرير، أصبح أهلى هم من يخبرونى بما يحدث فى الميدان، و من الجدير بالذكر، تلقيت أثناء أحداث الاتحادية مكالمة من والدى ليخبرنى أنه فى الميدان و طلب منى النزول الى الميدان لأصلح خطأ كنت جزء منه و لكننى لم أنزل، لقد كفرت بالثورة التى تحولت الى ثورة مليونيات و احزاب كثُرت اسمائهم  بدلا من أن تكون ثورة تغيير و لن ألقى اللوم على شعب نسبة الجهل فيه أصبحت مخيفة، فالنخبة السياسية هى التى وقفت متفرجة على الثورة  و هى تنحرف عن المسار، لقد آمن شباب الثورة بكم و أقنعتوهم أنكم تؤمنون بهم، و لكن انتهى الامر بالكثير شباب الثورة أن  يكفروا بكم و بالثورة. انقذوا ما تبقى من البلاد.


صفحة فى كتاب اسمه "الذكريات"

عن الذكريات الحلوة و الوحشة، عن النهايات المُختلفة و مدى تحكُمنا فيها. هل نستطيع التحكم فى مشاعرنا؟ هل نحن قادرين على مسح ما لا نرغب به من ذكريات؟ و هل بإمكاننا أن نعيش ذكرى تركت أثرا جميلا فى قلوبنا، مرة أخرى؟ تلك المشاعر التى تجتاح كل حواسنا بمجرد تذكرنا لبعض الاشياء. تلك التفاصيل الصغيرة التى نراها  فى الوقت الذى ربما لا يلتفت اليها الكثير و لكنها تعنى لنا الكثير.


تلك الأماكن التى بمجرد مررونا بها، تمر بأذهاننا ألف ذكرى و ذكرى، و يقف الكلام عاجزا عن حتى التحدُث عن تلك الذكريات، عن ما تعنيه تلك الأماكن بالنسبة إلينا لدرجة شعورنا و كأن رائحة من كنا معهم مازالت بالمكان، فإما أن يترك ذلك شريط الذكريات الذى مر بخايلنا ابتسامة على وجوهنا أو دموع فى أعيننا.

لقد شاهدت فيلم The eternal Sunshine of the spotless mind  وقت نزوله، و مازلت أشاهده من وقت لآخر نظرا لما تتمحور قصته حول فكرة التحكم بالذاكرة، فالفيلم تدور قصته عن اثنين عاشوا قصة حب و لكن لم تكتمل، فقررت البطلة ان تذهب الى دكتور نفسانى لكى يساعدها أن تتخطى كل ذكرياتها مع حبيبها بأن تنسى كل ما يتعلق به،  فقام البطل بفعل نفس الشئ و لكن بمجرد أن بدأت عملية مسح الذكريات، اكتشف أنه لا يريد أن يتخلص من ذكرياته مع حبيبته و أخذ يحاول أن يوقف عملية مسح الذاكرة، و أخذ يحاول أن يتذكر ما فقده من ذكرياته معها و لكنه لم يفلح.

و من هنا بدأت أتسائل، هل سنجد السعادة التى نبحث عنها اذا أُتيحت لنا الفرصة و أصبح بإمكاننا مسح ذكرياتنا مع أشخاص ما، مروا بحياتنا. أم ان سعادتنا ربما تتوقف على أن نتذكر تلك اللحظات لما فيها من تفاصيل تركت بصمة فى قلوبنا قبل عقولنا. هل توقفنا عند بعض الذكريات له تأثير سلبى فتكون سببا لبُكائنا على ما قد مضى أم تأثير ايجابى على حياتنا فتكُن لنا سببا لأن نحيا و نرى الجانب المشرق من الحياة؟ أم هو على حسب نوع الموقف أو الشخص الذى ترتبط به تلك الذكريات.

 هل كل الذكريات السيئة، مُقدّر لها أن تبقى هكذا، بل و أن تلاحقنا أينما ذهبنا، أم أنه هناك فرصة أخرى لتغيير الواقع الذى فُرض علينا بواقع ليس بالضرورى أن يكون الأفضل من حيث المنطق، و لكنه بالطبع كنا نتمنى حدوثه.

فكل يوم هو فُرصة جديدة لنا لنُغير واقعنا. بل أن كُل لحظة تمر بحياتنا تُعد لحظة مصيرية بإمكانها تجديد الأمل فى حياتنا من جديد. فإذا مرت بحياتنا لحظة حلوة، علينا أن نتمسك بها و أن نعيشها بكل ما فيها و نتركها تتغلغل كل حواسنا لأنها بالوقت ستصبح تلك الذكرى التى تترك على شفانا ابتسامة، و أما عن كل لحظة قد تُعكر صفو حياتنا، فما هى الا عقبة علينا تخطيها، و جعلها خطوة أخرى فى طريق بحثنا عن السعادة.

فكل منا حياته ما هى الا كتاب من الذكريات لا يرتبط بسن معين، شبابا كنا، ام كبار، و لذلك علينا أن نعمل كل يوم على ملأ صفحاته بالذكريات التى نرغب فيها.

 نعم، النهايات شئ لا نملكُه و لكن ما قبل ذلك فهو ملكنا، فبقدرتنا جعله من أحلى ما عشنا حتى اذا قررنا أن نترك ذلك الواقع و أن نشرد قليلا مع خيالنا، نجد عالما يستحق أن نتذكره.