Saturday, March 9, 2013

كفرت بالثورة

منذ عامين كنت ممن يطلق عليهم شباب الثورة، كنت مؤمنة بالتغيير، كنت أرى أننا فى طريقنا لتحقيق حلم الدولة التى نفخر دائما بأمجادها و التى لم نكن جزءا منها أبدا. كنت فخورة بأن أكون ممن يطلق عليهم الشباب الذى صنع التاريخ. عاندت رغبة أهلى و بعض من أصدقائى فى أن أكون جزءا مما يحدث، لم أستمع قط لمخاوفهم على من الغاز المسيل للدموع و الضرب و التحرش و غيره من عقبات كان يستخدمها النظام السابق لتوقيفنا، نزلت للميدان كثيرا دون علمهم، فكنت أعلم جيدا أنهم سيفهموا يوما ما.

لم أستمع لكلام هذا اللواء الذى استوقفنى يوم 26 يناير، 2011 فى ميدان التحرير ليطلب منى الرحيل قائلا "انت بنت ناس و فى عمر ابنتى، روحى البيت، احنا عندنا  أوامر بالتحرش بالبنات و القبض على الولاد".

و لم أكن فقط أنزل للميدان، بل كرست كل وقتى للثورة، و حضور ندوات التوعية السياسية، تويتر و فيسبوك أصبحوا من أهم  الوسائل التى كنت أعرف منها ماذا يحدث فى الميدان أو أنقل من خلالها ما يحدث ان كنت هناك.

كنت أفُكر دائما فى شئ واحد "لابد أن أكون جزءا مما يحدث، هكذا يحدث التغيير".

تأثرت بالكثير من أهالى الشهداء و الذين قابلت البعض منهم، ذهبت الى والدة خالد سعيد و الجدير بالذكر أن اصرارها على استعادة حق ابنها، ايمانها بما كانت تفعله، نزولها للميدان، نظرة الامل فى عيون مارى دانيال و ايمانها بأن تُكمل ما فقد مينا دانيال حياته من أجله ، كانوا من أحد اعوامل التى ساعدتنى على الصمود أمام الاحباطات التى كانت تواجه الثورة.
و توالت الاحباطات السياسية، و أصبحت الاحداث الدامية هى سيد الموقف، فبدلا من أن نطالب بحقوق الاحياء، أصبحنا نطالب بحقوق الذين رحلوا عنا، ليرحل عدد جديد منّا، فأصبحنا نسير فى دائرة مغلقة.

توقفت عن النزول الى الميدان، فقدت ايمانى بالمليونيات، فالمسيرات أصبحت غير مؤثرة، و ان كانت فقط للتعبير عن الرأى، فهى أيضا غير معبرة.

فلقد آمنت بالبرادعى و غيره  ممن نادوا بالتغيير، و لكننى فى معظم الوقت لم  أجدهم فى المشهد السياسى، خاصة فى الاوقات التى تستدعى وقوفهم مدافعين عن ما ما أقنعونا به كشباب، أقنعونا بأننا قادرين على أن نحلم، فحلمنا ولكن تحول الحلم الى كابوس. فبعد أن كان يفتخر الجميع بشباب الثورة و ما حدث من تغيير كان بعيد عن توقعات أى أحد، أصبح الجميع يطالبنا بتصليح خطأنا و أصبحوا يلقوا اللوم علينا نظرا لما وصلت اليه البلد من حكم آخر فاسد مستتر تحت ستار الديموقراطية و عن مجيئه بناءا على رغبة الشعب.

أصبحت غير مهتمة بما يحدث فى البلاد، أصبحت لا أعلم شيئا عن الجديد فى عالم مليونيات الثورة أيا كانت مسمياتها.

تحولت الى ذلك الحزب الذى كان غير مؤمن بالثورة فى بدايتها، أصبحت أتابع الأحداث على شاشات التلفزيون بالصدفة فقط ان تواجدت فى مكان يتابع أصحابه ما يحدث، لأتحسر على زيادة عدد الضحايا. فبعد أن كنت مصدر أخبارا لأهلى و من حولى لما يحدث فى ميدان التحرير، أصبح أهلى هم من يخبرونى بما يحدث فى الميدان، و من الجدير بالذكر، تلقيت أثناء أحداث الاتحادية مكالمة من والدى ليخبرنى أنه فى الميدان و طلب منى النزول الى الميدان لأصلح خطأ كنت جزء منه و لكننى لم أنزل، لقد كفرت بالثورة التى تحولت الى ثورة مليونيات و احزاب كثُرت اسمائهم  بدلا من أن تكون ثورة تغيير و لن ألقى اللوم على شعب نسبة الجهل فيه أصبحت مخيفة، فالنخبة السياسية هى التى وقفت متفرجة على الثورة  و هى تنحرف عن المسار، لقد آمن شباب الثورة بكم و أقنعتوهم أنكم تؤمنون بهم، و لكن انتهى الامر بالكثير شباب الثورة أن  يكفروا بكم و بالثورة. انقذوا ما تبقى من البلاد.


No comments:

Post a Comment