Saturday, March 23, 2013

دُرجك ايه؟

يوم الأحد، أجازتى الاسبوعية، خرجت مع بعض الاصدقاء لنجلس فى رووف توب فى الزمالك، فهو يطل على النيل و أجواءه مختلفة و بذلك سأضمن أمسية أستطيع فيها فصل فيشة دماغى بعد أسبوع عمل طويل و أستعد منها لأسبوع آخر جديد.
أخذنا نتبادل أطراف الحديث فى كل شئ لا علاقة له بالعمل، و بدأ أصدقائى يتحدثون عن فيلم Bruce Almighty و الذى شاهدوه منذ فترة، توقفت عند فكرة أن البطل كان يشعر بضجر شديد نحو ما وصلت اليه حياته و كيف أنه دائما ما تأتى الحياة بما لا تشتهى نفسه فبدأ يلوم ربنا، فظهر ربنا له فى شكل انسان و اتفتح أمامه درج كبير و به ملفات كثيرة، و كل ملف يمثل فترة زمنية من حياته، و بغض النظر عن الفكرة الخيالية التى عرضها الفيلم و هى ظهور الرب فى شكل انسان، فلقد شردت فى دُرج حياتى، و إذ به عدد لا بأس به من الملفات.

الملف الأول: ملف الطفولة (خليك فاكرنى)

كانت الحياة آنذاك خالية من المشاكل بمعنى الكلمة، فكل شيئا جميلا فى عالمى، أقصى أحلامى وقتها كانت سفرية السنة، كان مايرسم بسمة على شفاهى الشوكلاتة اللى كان جدو بيجبهالى، كانت كل الناس فى عالمى جميلة، عالم لا يعرف الكذب، عالم يستحق أن نمكث به عدد لا بأس به من السنوات، أو سنوات حياتنا كلها ان أمكن.

الملف الثانى: ملف المراهقة (حتمرد على الوضع الحالى)

توقفت عند هذا الملف قليلا، فهو ملف من نوع خاص، ذلك الوقت الذى تبدأ فيه ملامح الشخص تتحدد، و فيه أيضا الكثير من المشاعر المبعثرة و الغير موظفة فى نفس الوقت. أذكر جيد تلك الخلافات مع والداى وقتها عن جروب النادى الذى كُنت أحرص دائما على اللقاء بهم كُل ويك اند، و أذكر كيف كنت أناقشهم لأصل معهم دائما الى حل وسط فيما نختلف عليه، و كانا دائما يستمعا الى قبل اصدار أى فرمان أبوى.

الملف الثالث: الجامعة (محدش مرتاح)

فى هذا الوقت من العمر، نريد كُل شئ و عكسه، فأنا على سبيل المثال، اخترت بكامل قواى العقلي الجامعة و الكلية اللى دخلتهم، و لكن بعد مرور أكثر من شهر كنت أسأل نفسى سؤال "أنا ايه اللى جابنى هنا" و كنت أمقت الكثير من المحاضرات وقتها نظرا لزيادة معدل ضربات الملل القاضية على العمر كلما تحرك عقرب من عقارب الساعة نحو اليمين و لأن كان هناك بحورا واسعة بينى و بين الدكاترة فالكثير منهم يشرح و كأننا كطلبة من نوعية نيوتن و الفارابى، و لكنى كنت أحتفظ بأسباب ضجرى لنفسى نظرا لأنه معظم من حولى فُرض عليهم القتال فى كليات لم تتسنى لهم الفرصة لاختيارها، ديتها 4 سنين.

الملف الرابع/ الحالى (أنا مش عارفنى)

الملف الذى حيّر الكثيرين و مازال هو السؤال المحورى لكل منا؛ فهذا هو الملف الذى يحمل سؤال "ماذا تريد أن تفعل؟" سواء كان على المستوى الشخصى أو العملى، فوجدت فى هذا الملف صفحات من كل ملف سبق و أن عشته، فمثلا هناك صفحة من ملف الطفولة، فمن منّا لا يحلُم بأن يعيش طفولته من جديد، خاصة بعد ما عدى علينا من ملفات، و تلك الصفحة من ملف المراهقة، فمشاعر الحب وقتها كانت أصدق، و بعيدة عن أية حسابات، و الخلافات كانت أبسط مما هى عليه الآن، فلم يكن لها علاقة بأشياء جوهرية. و كان هناك أيضا صفحة من ملف الجامعة بكل ما فيه من قرارات طائشة و تجارب متهورة التى أحن اليها فى الكثير من الأوقات. أما عن الصفحات الرئيسية فى هذا الملف فهى مازالت تحت التأسيس، فرأيت صفحة العمل بها عدد لا بأس به من السطور، و صفحة الحياة الشخصية مازالت مشوشة و كلماتها ليست واضحة بالنسبة لى.

فقمت بإغلاق ذلك الدُرج، و تسائلت، هل ما اذا سنحت لنا الفرصة بالقاء نظرة على ملفات عقولنا بتمعن سنستطيع أن نفهم كيف تكونت شخصياتنا؟ هل احتفاظنا ببعض الصفحات من الملفات القديمة هو ما يجعل رؤيتنا مشوشة لملف حياتنا الحالى، بل و يجعلنا واقفين مكتوفى الأيدى فلا نستطيع كتابة صفحات جديدة؟ هل نستطيع التخلص من الملف الذى لا نرغب فى تذكره؟ و ماذا إن تبعثرت كل الصفحات بحيث نعيش كل يوما صفحة من ملف منهم، أو فى اليوم الواحد نعيشه بكل تلك الاحاسيس التى مررنا بها بدءا من الطفولة، فأيا كنا مسيرين أو مخيرين فهذه الحياة، مازالنا نحن كُتّاب هذه الصفحات.

No comments:

Post a Comment