عن الذكريات
الحلوة و الوحشة، عن النهايات المُختلفة و مدى تحكُمنا فيها. هل نستطيع التحكم فى
مشاعرنا؟ هل نحن قادرين على مسح ما لا نرغب به من ذكريات؟ و هل بإمكاننا أن نعيش
ذكرى تركت أثرا جميلا فى قلوبنا، مرة أخرى؟ تلك المشاعر التى تجتاح كل حواسنا
بمجرد تذكرنا لبعض الاشياء. تلك التفاصيل الصغيرة التى نراها فى الوقت الذى ربما لا يلتفت اليها الكثير و
لكنها تعنى لنا الكثير.
تلك الأماكن
التى بمجرد مررونا بها، تمر بأذهاننا ألف ذكرى و ذكرى، و يقف الكلام عاجزا عن حتى
التحدُث عن تلك الذكريات، عن ما تعنيه تلك الأماكن بالنسبة إلينا لدرجة شعورنا و
كأن رائحة من كنا معهم مازالت بالمكان، فإما أن يترك ذلك شريط الذكريات الذى مر
بخايلنا ابتسامة على وجوهنا أو دموع فى أعيننا.
لقد شاهدت فيلم The eternal Sunshine of the spotless mind وقت نزوله، و مازلت أشاهده من وقت لآخر نظرا لما
تتمحور قصته حول فكرة التحكم بالذاكرة، فالفيلم تدور قصته عن اثنين عاشوا قصة حب و
لكن لم تكتمل، فقررت البطلة ان تذهب الى دكتور نفسانى لكى يساعدها أن تتخطى كل
ذكرياتها مع حبيبها بأن تنسى كل ما يتعلق به،
فقام البطل بفعل نفس الشئ و لكن بمجرد أن بدأت عملية مسح الذكريات، اكتشف
أنه لا يريد أن يتخلص من ذكرياته مع حبيبته و أخذ يحاول أن يوقف عملية مسح
الذاكرة، و أخذ يحاول أن يتذكر ما فقده من ذكرياته معها و لكنه لم يفلح.
و من هنا بدأت
أتسائل، هل سنجد السعادة التى نبحث عنها اذا أُتيحت لنا الفرصة و أصبح بإمكاننا
مسح ذكرياتنا مع أشخاص ما، مروا بحياتنا. أم ان سعادتنا ربما تتوقف على أن نتذكر
تلك اللحظات لما فيها من تفاصيل تركت بصمة فى قلوبنا قبل عقولنا. هل توقفنا عند
بعض الذكريات له تأثير سلبى فتكون سببا لبُكائنا على ما قد مضى أم تأثير ايجابى
على حياتنا فتكُن لنا سببا لأن نحيا و نرى الجانب المشرق من الحياة؟ أم هو على حسب
نوع الموقف أو الشخص الذى ترتبط به تلك الذكريات.
هل كل الذكريات السيئة، مُقدّر لها أن تبقى
هكذا، بل و أن تلاحقنا أينما ذهبنا، أم أنه هناك فرصة أخرى لتغيير الواقع الذى فُرض
علينا بواقع ليس بالضرورى أن يكون الأفضل من حيث المنطق، و لكنه بالطبع كنا نتمنى
حدوثه.
فكل يوم هو
فُرصة جديدة لنا لنُغير واقعنا. بل أن كُل لحظة تمر بحياتنا تُعد لحظة مصيرية
بإمكانها تجديد الأمل فى حياتنا من جديد. فإذا مرت بحياتنا لحظة حلوة، علينا أن
نتمسك بها و أن نعيشها بكل ما فيها و نتركها تتغلغل كل حواسنا لأنها بالوقت ستصبح
تلك الذكرى التى تترك على شفانا ابتسامة، و أما عن كل لحظة قد تُعكر صفو حياتنا،
فما هى الا عقبة علينا تخطيها، و جعلها خطوة أخرى فى طريق بحثنا عن السعادة.
فكل منا حياته
ما هى الا كتاب من الذكريات لا يرتبط بسن معين، شبابا كنا، ام كبار، و لذلك علينا
أن نعمل كل يوم على ملأ صفحاته بالذكريات التى نرغب فيها.
نعم، النهايات شئ لا نملكُه و لكن ما قبل ذلك
فهو ملكنا، فبقدرتنا جعله من أحلى ما عشنا حتى اذا قررنا أن نترك ذلك الواقع و أن
نشرد قليلا مع خيالنا، نجد عالما يستحق أن نتذكره.
No comments:
Post a Comment